حقوق الأكراد وسلامة العراق

لا يحق لمسعود فرض حرب سيعاني منها الأكراد قبل الآخرين، ولا يحق لسياسيوا المنطقة الخضراء الأستخفاف بدماء العراقيين بسهولة واللجوء الى السلاح. انه موضوع شائك لا يهم العراقيين فقط وانما هو موضوع اقليمي ودولي ولابد من الوصول لحلول معقولة تضمن حقوق الأكراد وسلامة العراق.

خلفية تأريخية وتحليل للأحداث:

لقد مضى ربع قرن منذ انفصال كردستان عملياً عن بغداد.  فمنذ عام 1991 وبعد ان تعهدت امريكا بحماية كردستان استناداً على قرار مجلس الامن رقم 688، وبغداد لا وجود لها في كردستان سواء قبل السقوط او بعد السقوط.   ولكن منذ عام 2003 ولحد الآن اصبحت كردستان تتحكم وتؤثر في تشريع القوانين والقرارات الهامة التي تتخذ في بغداد. فرئيس الدولة كردي ورئيس الأركان كان كردياً وشغلوا اهم الوزارات كالخارجية والمالية، وكانوا اول المستفيدين اقتصادياً منذ السقوط ولحد الآن. وفي كثير من الأحيان كانت كردستان مأوى للمعارضين خارج العملية الدستورية وملجأ للهاربين والفاسدين والمطلوبين للعدالة. وعليه من باب اولى ان تفكر بغداد بالانفصال عن كردستان وليس العكس.

ولكن علينا ان لا ننسى من ان الأكراد ناضلوا للحصول على حقوقهم القومية. فمائة عام وكردستان العراق تشهد انتفاضات وتمرد وثورات وعصيان. حاول العثمانون بطشها، والأنكليز السيطرة عليها والحكم الملكي التحكم بها وعبد الكريم قاسم احتوائها. وقام  انقلابيوا 1963 بخداعها ثم حرقها، وعبد السلام عارف هادنها ثم بطش بها، وسلطة البكر وصدام اوقفت اطلاق النار ثم شنت حرب مدمرة اعقبها اتفاقية الجزائر التي منح فيها صدام نصف شط العرب الأستراتيجي الى ايران. ومع ذلك تجددت الحرب مرت ثانية وثالثة.  فأستخدم الكيمياوي ولم يكتفيوا، بعدها جرت تصفيات حملة الأنفال المشوؤمة ثم اعقبها تهجير مئات الآلاف من الأكراد الى جنوب العراق. حروب مدمرة ومنهكة وقاسية وغير انسانية راح ضحيتها مئات الآلاف من ابناء الشعب الكردي وعشرات الآلاف من قوات الجيش العراقي.

 السؤال هو هل ان الحكم الحالي في بغداد اكثر ذكاءاً ومسايسة من الأنكليز؟  ام اكثر حنكة من السياسي المخضرم نوري السعيد؟ هل هم اكثر وطنية من عبد الكريم قاسم؟ ام ان لديهم سلاح اكثر فتكاً من الكيمياوي؟ ام انهم اكثر قساوة واجراماً من صدام حسين وعلي الكيمياوي؟ الجواب معروف طبعاً. اما القيادات الكردية فإن عليها ان تتجنب اثارة ونقمة العراقيين. وعليها ان تتذكر ان الأسناد الدولي ذو مصالح ممكن ان يتخلى عنهم كما حدث عدة مرات حينما تنكر الأنكليز لوعودهم للشيخ محمود الحفيد ( البرزنجي) وحينما خذل السوفيت جمهورية مهاباد* وكما فرضت عليهم ايران الشاه وامريكا شروط اتفاقية الجزائر وهي القاء السلاح دون اي مكسب للأكراد، وغيرها وغيرها.

 وللتاريخ عبر فلقد بالغ الشيخ محمود الحفيد حينما عين نفسه حاكماً لمملكة كردستان عام 1922. وباعتراف مسعود فإن اباه قد أخطأ حينما رفع السلاح ضد ثورة تموز الفتية عام 1962. وربما يتعين على مسعود ان يُفعل برلمان كردستان ويتصالح مع التغيير والطالبانيين ويضمن مبدأ تدوال السلطة قبل الأقدام على هذه الخطوة المفصلية. ان تأسيس دولة يتطلب اكثر من الرغبة الملحة لذلك. يتطلب الأعتراف الدولي ومنفذ بحري وعلاقات جيدة مع معظم الجيران او على الأقل قسم منهم. وكل هذا غير متوفر الآن. ارجوا ان لا يقدم مسعود لتكوين كيان نهايته مثل جمهورية مهاباد*.   لقد قُسمت كردستان ووزعت على اربع دول بقرار دولي، وللخروج من هذا الأطار الجيوسياسي لابد من قرارات دولية وموافقات اقليمية. وهذا من الصعب تحديده الآن. ولو قارن اكراد العراق شأنهم مع اكراد ايران وتركيا وسوريا لوجدوا انفسهم انهم في افضل حال منهم بنسبة عالية جداً. وعلى القيادات الكردية ان تحسب تبعات اعلان الأستقلال من جانب واحد وبأعتراف دولة واحدة هي اسرائيل. في اعتقادي ان كردستان العراق ستقع لقمة سائغة لأطماع ايران وتركيا وسوف تصدر النفط ان سمحوا لها بذلك بأبخس الأسعار وستعاني من اختناقات اقتصادية كبرى. كذلك من الصعب ضمان رد فعل بغداد ان يكون سلمياً وسياسياً فقط، خاصة وان هناك اصوات بدأت من الآن تقرع طبول الحرب.

الطلاق حلال وان كان ابغضه. وانا احب العراق موحداً بعربه واكراده من شماله الى جنوبه. ولكني احب العراقيين عربهم واكرادهم اكثر واتمنى ان لا تسكب قطرة دم واحدة بهذا الخصوص. فمئة عام تكفي وبدل ان نحطم العراق من جنوبه الى شماله علينا ان نوفر ذلك للأستثمارات السلمية ونكون اما افضل دولتين جارتين ونموذجاً حضارياً او ان نتعلم ان نكون وطن واحد يضمن التعايش السلمي للجميع، وهو الأفضل.  

12 أيلول 207

محمد حسين النجفي

mhalnajafi.org

_____________________________________________________________________________________________________________________________________________________*جمهورية مهاباد تأسست عام 1946 لغاية عام 1947 ولم تدم إلا 11 شهراً. كان الملا مصطفى البرزاني القائد العسكري في ادارتها. وفي مهاباد وُلد مسعود. وبعد القضاء عليها هرب الملا مصطفى الى الأتحاد السوفيتي ورُحلت عائلته الى العراق بضمنهم مسعود. التقى مسعود بوالده حينما عفى الزعيم عبد الكريم قاسم عن الملا ورفاقه واعادهم الى العراق عام 1958. إلا ان الملا مصطفى البازاني عاد ورفع السلاح في 11 ايلول عام 1962 بوجه عبد الكريم قاسم وتعاون مع الأنقلابين في حركة 8 شباط 1963 ضد الزعيم والثورة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You have successfully subscribed to the newsletter

There was an error while trying to send your request. Please try again.

أفكار حُـرة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي will use the information you provide on this form to be in touch with you and to provide updates and marketing.