تحرير الأنسان قبل الأرض

تحررت معظم المدن العراقية من داعش،  فمتى يتحرر الأنسان العراقي من النوازع الداعشية ؟ وهل ان تحرير المدن والقرى والقصبات يعني حقاً ان ساكنيها قد تحرروا فعلاً من سطوت ونفوذ وافكار النزعة الظلامية الرجعية الأضطهادية والمبررة بحجج دينية  واهية من بُنات القرون المظلمة الوسطى؟ لا ارى ان تحرير الأرض كافياً  كي يؤدي ذلك الى تحرير العقول وتنوير القلوب وتغيير الموازيين من حيث المعتقدات والتخندق الطائفي وتبريرات التكفيير والقتل الجماعي. ولكن السؤال دائماً سيكون ما الحل؟

والحل لا يكمن على مستوى الفرد او العائلة في المجتمع العراقي. الحل يكمن في تركيبة الدولة العراقية الحالية التي تنص وتؤطر الحياة السياسية بالمحاصصة والمصالح الشخصية. المجتمع العراقي ليس ممزق طائفياً فقط، كما يعتقد العموم من الناس. العراق ممزق سياسياً ودينياً ومناطقياً وعشائرياً واقتصادياً. فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك صراعات عشائرية في الجنوب وكلهم عرب وشيعة. هناك صراع كردي كردي بين اربيل وسليمانية. هناك صراع شديد اللهجة بين شيوخ وعشائر الأنبار فيما بينهم

لقد تحررت الفلوجة والرمادي عدة مرات، فهل تحررت فعلاً؟ لقد تمتع الأكراد بسلطة اقليم وبصلاحيات واسعة، فهل استطاع الأكراد ان يحكموا بأنفسهم ام انهم تحت رحمة الأغوات المتسلطين بصلاحيات بارزاني وطالباني. يعتقد البعض ان هناك سنة وشيعة، وهذا غير صحيح. هناك العديد من مذاهب ومدارس وافكار وطرق ممارسة للشعائر السنية. اي ان هناك خلافات سنية سنية.  اما الشيعة فإنهم لا يخفون ذلك ويؤمنون بالتقليد والمرجعية والتعددية، ونعيش في كل رمضان مهزلة تحديد رؤية الهلال. وهذا يعني ان هناك صراع شيعي شيعي. ناهيك عن صراع المكونات السياسية التي اصبحت اقطاعيات وشركات واستثمارات طفيلية تسرق الثروة الأقتصادية علناً لانها تتمتع بحصانات برلمانية وحمايات مسلحة لا تمت للدولة بصلة

اننا نعيش في دولة بداخلها دويلات. وهذا سبب كل الويلات التي تتحكم بالأمن العام وسلامة المواطنيين.  وهذ الدويلات لا بد من تفكيكها كي يتوحد الأنسان العراقي. الدولة المدنية العراقية تحجم دورها واستفحل دور العشائر والعوائل والأنساب والألقاب معززة بقدسية دينية وارتباطات خارجة عن حدود الوطن. لقد حرر الجيش والحشد الشعبي والشرطة الأتحادية الأرض العراقية، فمن سيحرر الأنسان العراقي كي يصبح مواطناً منتمياً لوطنه؟

محمد حسين النجفي

mhalnajafi.org

30 حزيران 2017

_______________________________________________________________________________________________________________________________________

#العراق، #الموصل، #محمد حسين النجفي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You have successfully subscribed to the newsletter

There was an error while trying to send your request. Please try again.

أفكار حُـرة : رئيس التحرير محمد حسين النجفي will use the information you provide on this form to be in touch with you and to provide updates and marketing.